الوعي.. لعنته وجنته

 

قال كافكا “إذا كان هناك ما هو أشد خطورة من الافراط في المخدرات فمن دون شك هو الإفراط في الوعي و إدراك الأشياء”

عشت هذه المقولة حرفيا، في حالة من الحالات التي مررت منها، أسميتها “فترة الرقص على حافة الجنون”

كنت -وبدون مبالغة- أرى وأفهم وأدرك صدى الجمل البسيطة التي يقولها الناس في بعد المعنى العميق، أين تختفي هيبة الأحداث وتظهر كل اللوحات الدرامية لما يحصل في لحن واحد.. العقل ينهك من الربط ووصل الاشخاص والاحداث، لعل المعاني ترسو في عمق ما، ولكن هيهات.. تبقى دركات الإدراك تهوي بالعقل إلى درك أسفل وأسفل إلى أن أدركت أن “الدرك الأسفل من النار” هو حالة نعيشها بالداخل، إلى أن أدركت أن هذا العمق لا يعرف بداية ولا يعرف نهاية، إلى آن أدركت أن محاولات العقل ليفهم كل شيئ بمحدودية ترجماته وفلاتره هو “وادي ويل” عينه!

وفي رواية أخرى أين سمح عقلي لنفسه بأن يرتاح من “مَنْطَقَة وفهم” ما يجري، فتحت لنا بوابة الجنة حيث هناك تنسى مسميات الأشياء، تنسى الفصل الموجود بينك وبينها، يأتي قلبك بزئبق الذوبان في االلحظة، ويخلط لك كل ما هو موجود في أغنية حب أبدي يطرب وجودك كله لها .. فلا تأبه ب”من أنت، ومن أين أتيت، وإلى أين أنت ذاهب، وكل القصص التي كنت تظن يوما أنها ذات أهمية بالغة”

علمتني نار الوعي : أدب الكلام، وأدب الصمت .. ليس لصوت حلقي فقط.. حتى لصوت ذهني..

وعلمتني جنة الوعي: أنه متى ما اختفت الأحكام أعيش تخرجا جديدا من صف التعلم والاختبار..

هنا قد يسأل سائل: هل علينا بالوعي وأعماقه؟ أم نتجنب التعمق أكثر..

سيبقى هذا السؤال يطرح ويجمع نفس بداخلك إلى أن تبصر وتوقن أنك الوعي ذاته. وكل القصص خُلِقت لتدور بك حول نفسك حتى تحج إلى وعيك وترى من هناك من أنت حقا..

 

مقالات ذات صلة

استجابات

اترك رداً على سهام

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إلغاء الرد

  1. الله يا سهام
    جاني بكاء وأنا أقرأ
    متى ندخل جنة الوعي ونقيم فيها..

    (أدب الكلام وأدب الصمت لصوت أذهاننا)